المشهد السابع
الثلاجات الموجودة داخل المستشفيات أصبحت لا تكفي هذا السيل الجارف من الشهداء.. ذهبت توا إلى ثلاجتي، فتحتها ونظرت وجدتها ملأى أكلا وشربا ونعيما! حتى ثلاجتهم تقاوم وثلاجتنا تكاد تنفجر تخمة وإسرافا.. بين الثلاجتين خندق وفي الثلاجتين تعبير عن حالة أمة ومآسيها! ليست دعوة إلى إغلاق الثلاجات أو إفراغها بل إلى ملئها وملء كل فراغ في حياتنا غضبا وهما ورفضا ووقوفا دائما، ولا تخافوا فلن تتعفن الحاجات.
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم وجاره جائع.." وغزة ليست جارنا ولكن من أهلنا، غزة ملأت ثلاجاتها شهداء وتعيش الجوع والعزلة والوحدة والعراء.. وبقيت السماء! السماء الأولى اغتصبتها أيد جائرة ورتعت فيها كما تريد ولكن رب السماء الأولى والثانية حتى السابعة لم يغب "وما كان ربك نسيا" بقية من إيمان نحملها على أكتافنا بهذا العدل الإلهي القادم لا محالة وإن تعجلته فطرتنا.
ذلك العدل الذي يؤمن به أهلنا في غزة أكثر من إيمان القاصر في مثل هذه الأحوال، الملامس عند البعض للتواكل واليأس. ولولا هذا الإيمان بعدالة السماء، لحملوا الرايات البيض وزحفوا صغارا وكبارا نحو منازل الذل والهوان!
المشهد الثامن
الإدارة الأميركية ترفض وقف إطلاق النار.. هذه ليست مفاجأة، ولكنها وصمة عار!
الإدارة الأميركية تطلب من الضحية رفع الراية البيضاء والكف عن العدوان.. ليست مفاجأة، ولكنها قلة حياء!
الإدارة الأميركية تطالب المجني عليه بطلب المغفرة من الجاني والاستغفار عن ذنبه والتوبة النصوح.. ليست مفاجأة ولكننا شعب كثير النسيان!
المفاجأة، أننا ما زلنا نؤمن بأن الذئاب أصبحت خرفانا، ما زلنا نتعلق بتلابيب وعود كاذبة، ما زلنا نراهن على الغش والاحتيال وعلى الكيل بميزانين، ما زلنا نجمع زادنا وجعابنا ونستقبل قبلة غير قبلتنا، ونتوجه غاضبين مستسلمين حائرين نحو بيوت ما زلنا نعتبرها بيضًا والبياض منها براء.. وهنا المفاجأة!
عجز ويأس وإحباط وتذلل، كأننا لقطاء، كأننا أمة استجداء بلا تاريخ ولا حضارة، أمة بلا حاضر وبلا ثروات، أمة بدون مستقبل سوى مستقبل الهوان والعدم! والحل ها هنا الحل ها هنا صبر وثبات ووحدة حاضر ووحدة حاضر ووحدة مصير